الرئيسية

الدكتور أنيس بهنام"فأطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دُعيتم بها" (أفسس 1:4).

يتكلم الروح القدس كثيرًا في رسائل العهد الجديد عن الدعوة التي دُعينا بها. وهي تعني هدف الله من خلاصنا، أو المركز والامتيازات التي تتصف بها هذه الدعوة.

 إن الله يدعو الجميع للخلاص، أما الدعوة التي نتكلم عنها هنا فهي المتعلقة بمن قبلوا الرب يسوع المسيح مخلصًا، فأصبحوا جنسًا جديدًا مدعوًّا لحياة جديدة وامتيازات جديدة. وليس الهدف هو مجرد سرد آيات وازدياد في معلومات في الذهن فقط، بل أن نتأمل بخشوع فيما يعلمنا إياه الروح القدس فنتخلّص من جاذبيات هذا العالم الحاضر الشرير، وتمتلئ قلوبنا بأفراح السماء، وبذلك يمكننا أن نكرس حياتنا لمجد من دعانا بنعمته. والآن سنتأمل باختصار في بعض الآيات بخصوص هذه الدعوة.

رومية 6:1-7 "الَّذِينَ بَيْنَهُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا مَدْعُوُّو يَسُوعَ الْمَسِيحِ... مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ". نرى هنا أولاً عظمة وجلال صاحب الدعوة، يسوع رب المجد، ليتنا نتأمل في هذا. يفتخر الإنسان إذا نال دعوة من شخص عظيم، أما دعوتنا فهي من ملك الملوك ورب الأرباب.

رومية 28:8 و30 "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ... وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا". دعاهم، بررهم ومجدهم. حقًا ماذا نقول لهذا، دعانا حسب قصده! كلمات تجعل المؤمن يمتلئ فرحًا ويفيض قلبه بالشكر للرب.

1كورنثوس 2:1 و9 "إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ... أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا". فهو دعانا لنصبح قديسين، أي منفصلين عن العالم الشرير ومخصصين له فتكون لنا الشركة مع ابنه يسوع.

من المؤسف أننا تعوّدنا أن نقرأ هذه العبارات الجليلة ومثلها الكثير بدون أن نقف ونتأمل في الحقائق الجليلة التي تحتويها. لو أمعنّا التأمل فيها لتغيّرت حياتنا تمامًا، فلا نحتاج للبحث عن وسائل التسلية التي يقدمها العالم. والتي تصفها كلمة الله بأنها شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظّم المعيشة، وهي التي تحرمنا من الفرح الروحي ومن حياة الثمر الكثير لمجد الله.

غلاطية 6:1 "إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ!". لقد انتشر في كنائس غلاطية تعليم خاطئ ومضر جدًا ، وهو أن المؤمن ما زال تحت الناموس، ولكن الروح القدس عالج هذه المشكلة في هذه الرسالة إذ أعلن أننا لسنا تحت الناموس بل تحت النعمة. وما أجمل هذه العبارة "دعاكم بنعمة المسيح". فما كان ممكنًا أن نستفيد من دعوة مبنية على غير النعمة، ويا لها من نعمة تفوق إدراك عقولنا وتدعونا لحياة الشكر والسجود للذي دعانا بنعمته، له كل المجد.

أفسس 18:1 "مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ". كم يحلو للمؤمن أن يتأمل في الذي دعانا، وكيف دعانا، وما هي صفات هذه الدعوة، وما هي بركاتها، لذلك نسرد هذه الآيات لتمتلئ قلوبنا بالفرح والسجود للذي دعانا بنعمته.

أفسس 1:4 "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا". كل دعوة تستلزم سلوكًا يليق بقيمة هذه الدعوة، وبما يتناسب مع مركز الذي قدّم الدعوة، فإذا دعا ملك أو رئيس دولة شخصًا ليكون سفيرًا له في إحدى الدول، فهذا السفير عليه أن يكون حريصًا في سلوكه. ونحن كسفراء عن المسيح يجب أن نسلك السلوك الذي يتناسب مع صفات المسيح. لذلك يقول في عدد 2 "بكل تواضع ووداعة" وذلك لأن الذي دعانا "وديع ومتواضع القلب" (متى 29:11) مع أنه رب المجد.

فيلبي 14:3 "أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". هذه الدعوة العليا ترفعنا فوق الأرضيات، كما يقول في كولوسي 2:3 "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض". إن إدراك قيمة هذه الدعوة العليا تجذبنا لنهتم بما فوق لا بما على الأرض.

1تسالونيكي 12:2 "وَنُشْهِدُكُمْ لِكَيْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ ِللهِ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى مَلَكُوتِهِ وَمَجْدِهِ". ماذا يجب أن يكون تأثير هذه الكلمات على المؤمن الذي يحب الرب؟ ألا تجعله يفكر في سلوكه، ويمتحن نفسه ليرى هل سلوكه كما يحق لله الذي دعانا هذه الدعوة الجليلة إلى ملكوته ومجده؟

1تسالونيكي 7:4 "لأن الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة". كثيرون في أيامنا هذه يستهينون بهذه التعاليم الواضحة مع أنهم يقولون أنهم مؤمنون!

1تسالونيكي 24:5 "أمين هو الذي يدعوكم الذي سيفعل أيضًا". هذه العبارة تشير إلى ما جاء في العدد السابق، وهو أن تُحفظ روحهم ونفسهم وجسدهم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح. فالذي دعانا هو الذي يحفظنا، وهذا يتطلب منا أن نطيعه.

2تسالونيكي 14:2 "الأَمْرُ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ بِإِنْجِيلِنَا، لاقْتِنَاءِ مَجْدِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ". إنها دعوة مجيدة لأن الذي دعانا هو مجيد ويمجّد مدعوّيه.

2تيموثاوس 9:1 "الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ". يذكرنا الكتاب المقدس مرارًا أن كل بركاتنا ليست على أساس استحقاقنا، بل على أساس مقاصد الله الصالحة الأزلية ونعمته الغنية.

عبرانيين 1:3 "مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْقِدِّيسُونَ، شُرَكَاءُ الدَّعْوَةِ السَّمَاوِيَّةِ، لاَحِظُوا رَسُولَ اعْتِرَافِنَا وَرَئِيسَ كَهَنَتِهِ الْمَسِيحَ يَسُوعَ". "لاحظوا" أي فكروا جديًا، إنها دعوة سماوية، "دعوة عليا" (فيلبي 14:3). "دعوة مقدسة" (2تيموثاوس 9:1)، "دعوة سماوية" (عبرانيين 1:3)، فيا لها من دعوة سامية المقام... فيها لنا كل الغنى والمجد والسلام.

1بطرس 15:1 "بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ". لو كنا جميعًا نصغي جيدًا لهذه التحريضات ونطيعها لكنا كأفراد وجماعات في حالة روحية تمجد الرب وتربح نفوسًا كثيرة.

2بطرس 3:1 "كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ". دعانا بنعمته، دعانا بمقتضى قصده. دعانا بالمجد والفضيلة. ألا ترى أيها القارئ العزيز أن الروح القدس يريد أن يرينا مجد وجلال هذه الدعوة، ولا عجب لأن مصدرها هو الرب يسوع المسيح. فليتنا نعطيها التقدير الواجب.

يهوذا 1 "يَهُوذَا، عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَخُو يَعْقُوبَ، إِلَى الْمَدْعُوِّينَ الْمُقَدَّسِينَ فِي اللهِ الآبِ، وَالْمَحْفُوظِينَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ". مدعوين مقدسين ومحفوظين، مجدًا لله!

صلاة: أيها الآب المبارك، نشكرك ونسجد لك. حقًا ما أعظم هذه الدعوة التي دعوتنا لها. أعِنّا لكي نحيا كما يحق لهذه الدعوة، وأن نتخلص من كل معطّلٍ مهما كان عزيزًا لطبيعتنا البشرية. فنحيا في نور هذه الدعوة المجيدة، ولك كل المجد، آمين.